مبقتش أصدق نفسى رغم الكدب مش عادتى ورغم الحيرة والتكشيرة والبسمة اللى بيعاند حدودها الخوف بصادف طول حياتى ظروف تتوه ملامحها ا فى ارادتى
*
*
*
عندما تجد نفسك اسيرا لذكريات أفنيت عمرك فى صياغة أحداثها ولا تجد حولك من نصّبتهم أبطالا لتلك الذكريات فلا تلومن أحدا أبدا .. فتلك طبيعة الحياه .
كثيرا ما يمر بك احساس يأخذك الى عالم لا تعرفه .. شعور لا تجد له وصفا فى مخيلتك غير أنك تفتقد أشياء وأشخاص يمثلون لك الكثير .. تريد أن تحكى عما يجول داخلك تترصد الكلمات فى اعماقك ولا تجد حرفا واحدا يعبر عم ا انت فيه .. تبحث بين أصدقاءك عمن يعيرك سمعه ومشاعره وان وجدته فتجد نفسك تتحدث فى كل شىء سوى مايشغلك . يأخذك الخيال الى حالة من الشرود تفصلك عن العالم .. وتجهما يرسم ملامحه على وجهك .. تستطيع ساعتها أن تحدث نفسك فى موضوعات لاتنتهى وتأخذك الذاكرة فى رحلتها وبين رحاياها .
تستطيع ان تكشف عن فلسفة الحب داخلك بكونه شعور دائم بالافتقاد لأحاسيس تتسم دوما بالرقي والرغبة فى الارتقاء .. تستطيع ان ترسم ملامحك بشكل تفصيلى يجعل مرآتك تستعيره منك ولكنها لا تحتفظ به .. تشرد أكثر ويأخذ الماضى الى أماكن تركت فيك اثرا وأحداث لا تتكرر مع الوقت .. تقف لحظات وتتمنى أن يعود بك الزمن الى الوراء..ولكن لا محالة .
احيانا تثيرك الفكرة أن تضغط على زر مسجل صوتى وتتحدث الى أن يملَّك الكلام او تمله ، تنتهي حيرتك الى الكتابة فهى ملاذك الاخير فى التعبير عن احساسك .. لتجد ما تكتبه لا يختلف كثيرا عن الصمت فى ابهامه .. وتبقى وحدك على يقين أن الحروف لم تعد باستطاعتها ان تصف احساسك كما هو بدون ابهام او تناثر .. فتقف عاجزا امام سؤال الآخرين .. ماذا بك ؟ فلم تجد ردا مقنعا لك حتى تجيب به.. لتكتشف عجز حروفك عن التعبير.
*
*
*
فى قلوبنا آلام .. وعتاب وملام وسكوت بيفوت يرسم احلام والضحكة بتعند فى دموعنا وتاه موضوعنا وندوّر على مين يسمعنا ولو اتلقيناه .. ما نلاقى كلام
استقل سيارته واشار الى سائقه بالتوجه الى المسجد ، أحيانا كثيرة تحتم عليه الرسميات الذهاب الى المسجد ، جنازة اليوم ربما تختلف كثيرا عن جنائز كثيرة سابقة فهذا الصحفى والاعلامى البارز اجتمع على حبه واحترامه كل القوى الوطنية بفضل نزاهته وقلمه الحر المعروف به عند الجميع فضلا عن موته المفاجىء الذى اثار اشفاقهم وعواطفهم ، صعد سلم المسجد بخطوات هادئة واثقة تليق بأناقة رئيس تحرير جريدة حكومية ، كان الجميع يستعدون لأداء صلاة الظهر أفرغ له بعض مريديه مكانا بالصف الاول يلمح الامام بنظرة سريعه .. تتسع عيناه فى ذهول .. لم يتخيل يوما ما ان يكون فى صلاة امامها عضو فى جماعة الاخوان المسلمين .. لا يدر السبب وراء تغيّب امام المسجد ولا يدر السبب ليقف هذا الاخوانى خاصة إماما بالمصليين ... علم فيما بعد ان ذلك كان بناء على وصية من المرحوم . . ارتسمت على وجهه معالم الحنق والغيظ ، يعلم أن صلاتى الظهر والجنازة ضاعا فى التفكير فى آلاف الاسئلة والموضوعات..،.. حدّث نفسه كثيرا فى الصلاة وتذكر كل المقالات التى كتبها عن هذا الاخوانى تحديد ا ... قرر أن يعيد صلاة الظهر فى المنزل ... تذكر انه لا يصلى سوى الجمعه فقط .. اشاح عن عقله المزيد من التفكير وبخطوات واثقة تقدم ليصافح أهل المتوفى .
**************
معارضة ـــــــــــــ
أدرك الجميع حقيقة مرضه .. حتى صاحب القهوة ومُقدم المشروبات يعلمون ان استاذ خميس عندو بعيد عن السامعين شيزو فونيا .. خمس سنوات يتحدث الى خيالات ويتحمله الجميع بطيبة نفس ... ملامحه الهادئة الطيبة جعلت الجميع يشفق عليه .. هندامه وطريقته فى التحث تجعله اشبه بالارستقراطيين كانت خُطَبِه السياسية التى يتلوها على مسامع الرئيس ترسم على وجههِ ملامح الفخر، يصفق له الجميع ويشاركونه لحظة يصل فيها صوته لأعلى ما يكون .. يردد فى نبرة حزينة وبحركات مسرحية دقيقة .. الشعب اتحمل كتير ياريس ، يترك المقهى فى سرعة وقد أشفق الجميع عليه .. ولا يستطيعون أن يصارحوه اعجابهم بخطبته الرنانة ... . ولا يستطيع ان يصارحهم بأنه ليس مريضا .
***************
توريث ـــــــــ
فوجىء الجميع بعدم ترشحه للرئاسة .. ذهول فى الشارع وتخبط اعلامى .. ضاع اهم الموضوعات التى يمكن تثير الرأى وتوارت كل المقالات المعارضة بهذا الشأن وذبلت الافكار فى كل العقول .. افرغت بالونة الغضب كل ما بها من هواء واستطاعت آلاف الاسئلة أن تحل محل فكرة التوريث..،...يوم واحد كان كفيل لحشد موظفى الهيئات وطلبة المدارس فى ميكروباصات مؤجرة خصيصا للغرض .. ونصف ساعة قبل غلق باب الترشيح كانت كافية لأن يتقدم بأوراقه وأن ينسحب المرشح الآخر للحزب وذلك استجابة للمظاهرة الحاشده الذى ناداه فيها الشعب رئيسا للبلاد
بعدة طعنات سريعة متتالية استطاع أن يجهز على والده فى السجده الاخيرة من صلاة العشاء ... صرخ مبتهجا فى هستيريا مريبه " هكذا سيدخل والدى الجنه " . هفت صوته تدريجيا وردد ما قاله الشيخ فى الجمعه الماضية " من مات وهو ساجد دخل الجنة " تردد فى اذنه ما قاله والده بعد سماعه الشيخ " يارب احسن ختامنا جميعا " . ثلاث سنوات مرّت عليه فى هذا المستشفى العقيم ولا يعلم لذلك سببا محددا، فقط أدرك ان الجميع يعاقبه على حبه الابدى لوالده العزيز
***********
الخنيق ــــــــــ
متجهما كان وعلى وجهه تبدو معالم الشرود .. يسير بخطوات متسارعه غير عابىء بالصغير الممسك بيده اليمنى والذى يجاهد كى يلاحقه فى المسير تتلاحق أنفاس الصغير فى سرعة ملحوظة وعلى وجهه قطرات العرق الصيفي الخانق .. - بابا .. هو ّ خالو فين ؟ يشق سكونه سؤال الصغير ولكنّه ظل على صمته شاردا لحظات من الصمت تزداد فيها قطرات العرق على وجهه الاملس ويزداد والده تجهما وسرعة فى السير - هى ماما قالتى انه سافر بس ، بس انا سمعت خالتو بتقولها مرة ازاى يسجنوه عشان مربى دقنه التفت الى الصبى لبرهة من الزمن .. فكّر أن يعنّفه ليسكت ولكنه لم يستطع أن يقطع صمته الذى دام - بابا ؛ ماما كل شوية تقول لطارق اخويا " احلق دقنك .. ماتروحش الجامع ودقنك طويله كده " هى يابابا الدقن حرام ؟؟ يلتفت اليه هذه المرة وقد ارتسمت معالم الغضب على وجهه وأبطأ السير استمر الصغير فى كلامه وقد سرق نظره محل الايس كريم على بعد خطوات ولم يلحظ نظرة والده الغضبى - بابا أنا روحت مرة مع طارق اخويا لمايكل صاحبة وشوفت هناك راجل لابس اسود ودقنه طويله وادّانى شوكلاته وكان طيب قوى .. هو ده كمان اتسجن يابابا ؟ توقّف الأب فجأه استعدادا لنهره كى يكف عن الكلام الكثير قاطع تفكيره بمطلبه البرىء ... بابا أنا عايز ايس كريم شوكلاته رآها فرصة سانحه لإلهائه عن اسئلته السخيفه عادا الى المنزل وقد لطّخ الصغير وجهه بالايس كريم لتستقبله والدته بتوبيخ يشوبه العنف " روح اغسل الدقن الشكولاته اللى بوظت شكلك دى " وبقى والده فى تجهمه يسرقه الشرود .
***********
المُتَمَرِّد ـــــــــــ
ارتسمت على وجهه ملامح الغضب ثم صرخ فى عناد واصرار "المنطلون لأ " لم يكترث لصراخه ولطمه على خده الايمن بلا هواده فازداد اصرارا على موقفه تبعها بلطمه قوية على خده الايسر فازداد عنادا على اصراره يئس منه تماما وتركه لوالدته التى احتوته برفق شديد ، هدأ قليلا ولكنها لم تستطع ايضا أن تقنعه بارتداء " المنطلون " خاصةً وهى من عوّدته منذ البداية على ارتداء الشورت القصير ليستمتع باللعب بحرية مع اقرانه الصغار .
تمنت ان تتخلص من كل ذكرياته ، بذلت فى ذلك الكثيروالكثير .. واستطاعت فى النهاية ان تصل الى الحل السحري الذى لطالما تمنته ......... أخرجت عقلها وتفحصته بعناية ، استطاعت ان تحدد الجزء الذى يحتله منها رمقته بنظرة اخيرة قبل ان تمحيه الى الابد ............ فقدت صوابها لبرهة من الزمن وخلالها تخلصت من ذكرياتها جميعا سوى من الجزء الخاص به.
*********
انشغال
تجاهلت وجوده تماما سوى من سلام باهت وابتسامه لحظية تخفى ورائها أثر الذكريات ،..تظاهرت بالانشغال مع الاخرين ،..آخر لقاء بينهما لايفارق مخيلتها على الاطلاق ، ..الوحيد الذى استطاع أن يفرض احترامه على الجميع ابتسامته العريضه و أثرها على من حوله ، .. وطموحه الذى يقوده دائما الى الامام ،رومانسيته ،حنوه ،احتوائه وتقديره لها .. واعجابه بها ، .. كل ذلك وأكثر استطاعت ان تنساه ... تنساه للأبد تتبعته بنظراتها فى غفلة منها بحثت فى عقلها عن موضوع يصلح كحجة وبادرة للتحدث اليه .. تنبهت انها تفكر فيه بالفعل .. رمقته بعين توحى بعدم الاهتمام ،أستأذنت للحظاتلتتمكن من اخفاء دموعها عن الاخرين وعادت وقد ارتسمت على وجهها نفس الابتسامة ... ولا تزال تتظاهر بالانشغال .
**********
ابتسامة
لم تتغير ملامحة الجامدة رغم تعالى الاصوات الضاحكة من حوله ،.. حاول كثيرا أن يتخلص من عبوسه وتجهمه .، تنبه على صوت صغيرته وسؤالها الذى لايختلف عن براءة ملامحها فى شىء؛ بابا : انت مش بتضحك ليه ؟ هو الضحك حرام ؟؟ يبتسم للحظات تستطيع خلالها الابتسامة ان تعيد تشكيل وجهه وتعيده الى الحياه ،..عاد لتجهمه ويبوسته مرة أخرى بعد أن استقطبه التفكير ، يصارع نفسه فى صمت ، حاول ان يسترجع ابتسامته بكل ما اوتى من قوة حرّك شفتيه بشكل ملفت كى يطمأن انه لايزال باستطاعته الابتسام وضع سبابتيه فى فمه محاولا أن يرسم ابتسامته قهرا ..تتغير ملامح وجهه مع حركة شفتيه بشكل كاريكاتيرى مثير.... يتنبه اليه الصغار من حوله وينفجروا ضحكين ، .. ولكنه وحده يفتقد الابتسامه .